فيلم «الملحد»: حين تتحول الدراما إلى تشويه لا نقاش
مع تصدّر فيلم «الملحد» للترند، انقسمت الآراء بين من يراه “جرأة فنية” ومن يراه “صدمة مطلوبة”.
لكن بعيدًا عن الانفعال، يظل السؤال الأهم:
هل الفيلم يناقش فكرة الإلحاد؟ أم يصنع صورة مشوّهة عن الإسلام ورجاله؟
المشكلة ليست في السؤال… بل في الإجابة
الإسلام لم يحرّم السؤال، ولم يجرّم الشك، بل على العكس؛ القرآن نفسه مليء بالأسئلة، والحوار، والجدال العقلي.
لكن الفيلم لم يناقش الشك كمرحلة إنسانية، بل قدّم نتيجة جاهزة:
المتدين = قاسٍ
الشيخ = متسلط
الدين = سبب القهر
الشيخ في الفيلم… صورة كاريكاتورية
الشيوخ في الفيلم يظهرون:
-
بلا رحمة
-
بلا علم حقيقي
-
بلا إنسانية
-
لا يعرفون إلا التخويف والسيطرة
وهذه الصورة لا تمثّل الواقع، ولا التاريخ، ولا حتى الخلافات الفكرية داخل الإسلام نفسه.
في الحقيقة، كثير من علماء الإسلام:
-
اختلفوا
-
ناقشوا
-
ردّوا على الشبهات
-
واحتووا الشباب بدل قمعهم
لكن الفيلم اختار أسهل طريق درامي: شيطنة كاملة
هل الإلحاد يُفهم عبر الصدمة؟
الفيلم يوحي أن الإلحاد هو “التحرر النهائي” من الظلام، وكأن كل المتدينين يعيشون في جهل، وكل غير المتدينين وصلوا للحقيقة.
وهذا طرح غير علمي وغير إنساني، لأن:
-
هناك مؤمنون واعون ومتنورون
-
وهناك ملحدون يعانون من فراغ وأسئلة
-
والقضية أعقد من أبيض وأسود
الفكر لا يُناقَش بالتهويل.
خطورة الرسالة المجتمعية
المشكلة الأكبر ليست في الفيلم نفسه، بل في أثره:
-
تشويه صورة التدين أمام الشباب
-
زرع الشك دون تقديم بدائل فكرية حقيقية
-
تحويل الخلاف الفكري إلى صراع أخلاقي
وده ممكن:
-
يعمّق الانقسام
-
يخلق كراهية متبادلة
-
ويحوّل الدين إلى “عدو درامي” بدل كونه فكرة تُناقش
الفن مسؤولية… مش بس حرية
الفن حر، نعم.
لكن لما الفن يتعامل مع:
-
الدين
-
الهوية
-
القيم
فهو يدخل منطقة حساسة.
والحرية هنا لا تعني التشويه أو التعميم.
كان ممكن للفيلم:
-
يناقش رحلة شك حقيقية
-
يعرض نماذج شيوخ مختلفة
-
يفتح باب الحوار بدل الإدانة لكنه اختار الصدام.
الخلاصة
فيلم «الملحد» لا يفتح نقاشًا بقدر ما:
-
يقدّم إجابة واحدة
-
يهاجم صورة واحدة
-
ويغلق باب الحوار
والنقد هنا ليس دفاعًا أعمى عن الدين،
بل دفاع عن العدل الفكري،
لأن الإسلام ليس كما صُوّر،
والشيوخ ليسوا نسخة واحدة،
والعقل لا ينمو في بيئة التشويه.
